الجمعة، 11 أكتوبر 2019

الحكومة الجديدة عن الشعب بعيدة


الحكومة الجديدة عن الشعب بعيدة

بقلم: مصطفى منيغ
الماضي مستقبلٌ تراجع لزمن وَلَّى، لو قِسنا بمستوى بلد جُلَّ ما فيه كَلَّ ، حتى حروف أحواله غدت جميعها عِلَّة ، مِن المَلَلِ أغلب مَن فيه مَلَّ ، اليأس من أفقه تدلَّى ، والبؤس من أديمه تعالى ، نهاره صداع متلاحم مع ضياع تجلَّى، وليله صراخ كائنات مكدسة في أكواخ متى هَبَّ الريح لسطوحها أنزل ، ليصبح البناء من جديد أغلى ، بما يضاف للمواد من رشاوى بها بعض أعوان السلطة (سبيل صمتهم) أولى ، ولمن فوقهم نصيب الأسد حسب الأحياء المرجحة بين الحلوة والأحلى ، ولمن علي الأواخر رؤساء حِصَصاً أكبر وإلا انهار مثل التدبير بالتراجع الفوري لغاية هؤلاء الأعوان أكباش فداء الذكي فيهم يشيع عن نفسه أنه انسَلَّ . وليذوب من مكث منتظرا لمصيبته الحَلّ ، وهكذا العجلة تدور تنقل سحباً من البُخور تُداوي (المفقودة في دواويرهم المستوصفات) مَن خرج عن الصمت وبالعصا إليه دخل ، بأسلوب عصر البرنز التاريخ المعاصر بما روى عنه يتسلَّى .
… الحكومة ليست المشكلة، تُركت بما إليْهِ وَمَعَهُ فاشلة، أو نُقِّحت لإظهار عجزها خلال مرحلة فاصلة، بإضافة عناصر مكيفة مع البدء من الصفر بنفس المعادلة، جوهرها المشي مع نفس السياسة وسطحها ببعض التغييرات الطفيفة والظرفية مُجَّمَّلة، المشكلة أكبر من ذلك بكثير متعلّقة أساسا بمطالب الشعب ، وتنفيذ رغباته، واحترام إرادته ،وتوفير حقوقه إعلاءاً لكلمته، وتمشياً مع اختياراته ، المناسبات المرتبطة بالترقيعات منتهية كشبيهاتها منذ 2011 إلى ما بعد الغد إن استمرت اللعبة التي أضحت مكشوفة ولن يصدق بها الشعب مادام أبناؤه وبناته بالآلاف الحاملين للشهادات العليا مشردون بفعل سياسة  تقود المغرب لما لا يُحمد عقباه ، في هذا الإطار، الممكن حله  في ساعات لو وُجِدَ مَن يسمع خلالها إن كان يهمه اتقاد ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان ، الصحة كالتعليم كالعدالة الاجتماعية المقروض وضعها كأولويات بتخصيص أموال الإنعاش الوطني بالكامل ، تُصرف على انجاز ما ينقصها من بنايات وآليات وأطر تتوصل بحقوقها كاملة ، بدل توزيعها منذ 1975 على سكان جهة دون غيرها بحصة إلفي (2000) درهم للفرد يتوصل بها شهريا دون عمل يقدمه ، ثمة أشياء لو علم الشعب بها لما ظل حاله يقبل ببعض المسرحيات المشخَّصة من أربعة عقود بلغت ذروة عرضها دون تغيير في النص خلال العشرين سنة الماضية .
مصطفى منيغ

الأربعاء، 9 أكتوبر 2019

الإسبانية "كارمين" في تلك السنين

الإسبانية "كارمين" في تلك السنين
برشلونة / مصطفى منيغ
للأناقة والتواضع وقبلهما الجمال ، تأشيرة  تفتح المجال، لتلاقي رغبة المُتحصِّن بما للنُّبل أنبل ، حياء عن تربية تُبعد المانح لمثل الموقف أحسن مِثال، المجتهد بالنهار الواقف نصف الليل  يعرق ويشقى  للتغلُّب على الحال ، لتحقيق المُسَيْطر على البال ، والرجوع مِن حيث جاء قانعاً بالكسب الحلال ، ماسكاً أول الخيط لأنسب مستقبل ، ينشده مَن اختار الهجرة لبلدان أوربا بدل ذرف الدموع على أطلال ، الموضوعة عارضة يُفرِغُ الشباب بتمعن في أصنامها دون فائدة للتخلص من أثقل انشغال ، ساسَ عقولهم للتقاعس المستمر خوفا من الفشل ، ما دام الوطن ساعتها لساحة معارك تَبَدَّل ، تحاول بها السلطة التنفيذية (أوائل الستينيات من القرن الماضي) استرجاع مجال ، أرادته المعارضة أن تتخصَّصَ فيه متسلِّلَة لمشاركة نظام الحكم بما تبذله من أقوى  نضال ، ولا شيء كان سوى اقتسام بعض المدن ومنها "القصر الكبير" و"العرائش" و"تطوان" و"الحسيمة" في الشمال ، أسوأ المِحن المُغذية النفوس البريئة بحماس الصعود للجبال ، كما جاء على لسان أشجع الرجال ، في مدينة "الخْمِيسَاتْ" ومنهم الصديق الوفي "عبد القادر المِيخْ" الذي عن الدنيا رحل، ما كان للعديد أن يظل  مَن ظلّ منهم متفرجاً دون أتباع أي فرصة تلحقه بالضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط مًضحياً بما يملك محققاً ذاك الانتقال ، من عالم متخبط بما فيه لقرن على الأقل، إلى آخر مَتى سلمت نِيَّته وتوضَّحت بالحُسنى سريرته وفكَّر تفكير النجباء في شؤونه الخاصة دون مغامرة أو ركوب أمواج طائشة فاز بما شاء سالماً مُطمئناً تفتخرُ به مَن تركها وراءه داعية له بالخير حيثما وصل.
... شباب مغاربة في عمر الزهور منحدرون من الشمال ، يتدافعون للعثور على سند يخلصهم ممَّا لرغبتهم أحال، إتمام الدراسة في الكليات العلمية الاسبانية  بدل المغربية في الرباط لجهلهم اللغة الفرنسية واتقانهم الاسبانية التي انهوا بها دراساتهم الثانوية لغاية الباكلوريا بالتمام والكمال، وآخرون بلغوا سن الاستقلال بأنفسهم تمنعهم عن تحقيق ذلك قلة المال ، أمامهم الضفة الأخرى تبتسم بما يراود أحلامهم من خيال ، الرابط اليأس بالأمل ، في المنام ولو لبضع ساعات على الأقل ، أمور مهما زَيَّنها الصبر للإستلاء مؤقتا على عقول وعت مفاهيم التفتح على خصال ، الحرية والكرامة والعدالة من مبادئها التي لا تقبل الزوال ، مُضاف لها الإرادة المُقَدِِّمَة عزيمة إزاحة الموانع فاسحة لأصحابها السبل ، لأَتَوَاجَدَ بينهم في هذه المدينة التي ارتحتُ فيها مبدئياً لدرجة البحث عن مقر يضمني ورفيقة لازالت ذاتها في طي المجهول ، إلى أن لمحتها أمامي للأناقة والتواضع والجمال جامعة بما يؤهلها للقب صاحبة المعالي . اقتربت مني وسألتني كأنها من زمان تعرفني : - أراك مهتماً بشخصي لدرجة أثارت استغرابي وفؤادي لم أعهد تسريع خفقانه من قبل ، فأدركتُ بحدسي أن شيئاً ما تناقل بيننا في لحظة لا شأن للصدفة بها بل ما نحسه كرابط بيننا لتكرير لقاءاتنا مَيَّال.
أجبتها مرحباً في أدب جمّ :
- نفس الشعور تبادلناه معا كما أظن إن وجدتُ الجرأة الكافية للإفصاح عن جزئية ولو متواضعة من جزئياتها فأنا من عقلية لم تتعود بعد على التقدم ولو خطوة صغيرة بالمقابل .
- أنت مغربي وأنا اسبانية فكلانا من البشر فما أنت بقائل.
- لقد سهَّلتِ عليَّ الموضوع دون التفكير بغرور إذ التعبير التلقائي عن اعجاب متبادل ، بين ذكر وأنثى في مثل الديار شيء عادي لا يتطلب ضياع الوقت في إطالة النظرات عند تصادم العيون بل هي بضع كلمات بعدها يحصل التراجع أو الإقبال . 
للأنوثة في امرأة حسناء بهجة مصَدَّرة ، لمن التقطها بعيون غير ما للثعلب من رغبة ظرفية ، بل المُبصِرة لحقٍ خُلِقَ الإنسان ميالاً لامتلاكه بكل المتطلبات الشرعية ، الجاعلة منه أساس أسرة مُقبلة ، تُزكِّي الحياة المُعاشة ، كسُنَّة من سنن الطبيعة الإنسانية الصِّرفة بالخير لِلْخيِّرِ موصولة ، ما حسبتُ الحاصل بيننا عن بُعْدٍ مُجرَّد صُدفة ، بل إعجابٌ نادرٌ من طرفي دون أن أدري إن كانت بالفاعل تَدري ولِمَا أفَكِّرُ لصالحها مُقَدِّرَة  ، كلما مررتُ مضطرا أمامها أخفيتُ عن قصدٍ إحساسي بفرط أخلاق تُبعد في موطني الأصلي إبداء ما ستَرته في صدري لامرأة يسارع برؤيتها خفقان قلبي المتصاعد دقيقة بعد دقيقة ، وإن صبرتُ فمقلتاي طالما أبانت أمري بكيفية تُفشي للمعنية سري فاحظي بابتسامة يقوِّي مفعولها ما يغمر يومي بالسعادة ، فتجدني أشدو لنفسي لحناً كلماته "أذا نظرتْها عيني وَجَبَ الفؤادُ مِنْ فَرَقٍ ، واصْطَكَّت عوارضي كلها من فَمِِها المُرَشَّفِ المُعَتَّقِ" .
... الحياة سلسلة مناسبات ، ومَنْبَت يتلقَّى بالضرورة الري والرعاية على فترات ، مليئة بما اتصل مباشرة ببقائها من مسؤوليات ، غير حرَّة خُلِقت مهما كانت الاختيارات ، رقيبها مالكها سبحانه وتعالى من البدايات إلى النهايات ، الروح فيها شجرة أفنانها أحداث ، غير مرئية حركتها مستمرة ما دامت ، لغتها يفسر أبجديتها العقل إحساسات ، لتوفير الارتقاء بالمزروعة في جسده المكتوب عليه الولوج المؤقت مهما عَمَّر أحسن المقامات ، في الدنيا لمرحلة وفي الآخرة البقاء جنب النعم المُخَلَّدات .
... الحياة والروح بالنسبة لإنسان مثلي يراهما بقلبه وعقله ووجدانه وضميره وكل خلية من خلايا جسده مسألة تكليف لتعمير حَيِّزٍ مقدّر العيش فيه شاغلا الوقت المُحَدَّد له مُنَفِّذاً لما يَسْعَدُ به أو يَشْقَى بفعل تصرفات ، لذا مقامي في "برشلونة" الاسبانية لم يكن مقام استقرار بل مجرد عبور لغيرها مِن فضاءات ، قد يكون لقائي بتلك المرأة الاسبانية أولى العقبات ، يواجهها اختياري بالرحيل لما هو أبعد من هذه المدينة الرائعة التي استقبلتني (والحق يُقال) بمنصب شُغل وغرفة في فندق وكرسي في فصل دراسي للتقرب من علم الصحافة أزيد وأكثر والعديد من الامتيازات ، لكن ما في رأسي من طموح يفوق تلك الأساسيات ، وصولا لإرضاء ذاتي مهما كان المطلوب أدْخَلَتْهُ الظروف في يوم من الأيام (لازال في علم الغيب)  مُدْرَجٌ ضمن خانة المستحيلات . (يُتبع)

مصطفى منيغ

الأحد، 6 أكتوبر 2019

صَفَّرُوا على صِفْرُو وانْصَرَفُوا

صَفَّرُوا على صِفْرُو وانْصَرَفُوا
برشلونة : مصطفى منيغ
بَارََ تَسوِيقهم لسياسة العَوْدَةِ بانتهاء العِدَّة، إذ بعد الطَّلاق بالثلاث لا يصِح إلا اختيار الثانية كما جَعَلَتْهَا الشريعة قاعدة ، إن كان دستور الدولة ينص أن الدين الرسمي للمملكة المغربية هو الإسلام الأمة المغربية به للحيِّ القيوم ذي الجلال والإكرام عابِدَة ، وإلاّ لهم سياستهم الرسمية القائمة على إباحة الافتراء لمصلحة "قلة" سائدة ، ولنا سياستنا الشعبية المُؤَسَّسَة على تحريم البغاء وكل ما يضر لدى الأغلبية  العقيدة ، ليس بالضرورة الانفراد فوق الجميع بحجة الانفتاح باسطاً يدي التدبير اليمنى ماسكةً السوط واليسرى حديدة ، إن اتُّخِذَ نفس المعيار للتحكم في رقاب بأساليب متدنية عديدة ، فمرحلة الألفية الثالثة فرائضها جديدة .
... مهما كنتم لا تنهكوا أنفسكم بتعذيب الأبرياء نازعين منهم حقوقهم وتذكروا أن الأقدار وما تختاره من نهاية عنكم ليست ببعيدة ، فتراجعوا عن سياستكم وتقرّبوا من سياستنا عساكم تقضون ما تبقى لكم من عمر في ظروف سعيدة . ... الدُّنيا أُلعوبَة تُشغلُ أذهان محبيها بالغرور والتكبُّر وتعاطي الفجور والتخلُّص من كل حُرٍّ نطقها علانية كفانا تسجيلاً في مُسْوَدَّة، لسهولة مسح ما يستحق في نظركم المسح لموقف جاء به لتغيير المنكر وقذفه صوب مطارح لمثل احتضان الموبقات مُعِدَّة.  
... لم يكن هذا المغرب مَن ضحَّي المغاربة من أجله ، الضياع من جهات أربع يلفّه ، وضبابية المستقبل مؤشر لفترة القلاقل يُدخله ، وفقدان أي رغبة في ابقاء الحال على ما هو عليه لخوض نضال مُستَحَقٍِّ على التغيير يرغمه ،
... ليتحول المتشككون منكم نحو "صفرو" مدينةً وإقليماً وليتعمَّق اهتمامكم متسلقاً جبالاَ  جعل السكان بينها أعشاشاً يعيشون وسطها عيشة عصور أكل الدهر عليها وشرِب وأنتم حيث أنتم تتفرّجون ، أكلهم ممزوج بالعرق المشتكية كل قطرة فيه لخالقها وهو الوحيد القادر على إنصافها من دولة لا تجد غير مناسبات تمد العشرات منهم فقط بما يكفيهم من مؤونة شهر في الأقصى دون بقية السنة تحسبها منَّة وصدقة وواجبها أن تجد حلا دائما لهم لو كانت تحسبهم أصحاب حقوق وبالقانون وليس حسب هواها وأهواءكم  المُستَدَامة. وحتى "صفرو" التاركين فيها اليهود "ملكة الكرز" مَوْسِماً حولتموه للترفيه عن أعينكم الجاحظة في مفاتن نساء لا حول لهن إلا بعرض اعراضهن في استعراض مصروفه بالملالين المنزوعة من دافعي الضرائب المفروض أن يُوَجَّه للفلاحين الزارعين لتلك الشجرة المُعرَّضة للانقراض بسبب سياسات لكل ما هو ضروري في الناحية مُبَدِّدة  ، الفرح لا يكون على انقاد المتخمة معيشته بالجراح ولا باجتماعات في ذاك الغار الحجري الموزعة أثناءها كؤوس الشاي المنعنع بالمجان على رؤساء قيَّدتهم ظروف هذا الزمان على اظهار الابتسام  وضمائرهم تتألَّم معلّقة في أمكنة بالمجاعة مهدَّدة ، يجتاحها الفقر ويقعدها المرض ويجمدها الجهل ولا أحد  لمساعدة أهاليها  يَدَيْه ممدودة ، الفرح الحقيقي بملازمة التحرك خارج تلك المكاتب بصورة طبيعية دون هرج أو مرج لزيارة مَن وصل مستواهم حد التسوّل وهم أصحاب ارض ونخوة وشرف ، مستعدون كما سبق أن واجهوا القمع بلا خوف . لكن الهواء المكيَّف ، والمظهر المزيَّف ، وما لجيوبهم بطريقة أو أخرى يُضاف ، يحولهم والقيام بما يتوصلون به من أجور عالية حبذا لو صرفت الدولة ولو نصفها على دور الأيتام بدل أن يتم تخصيصها لمن يكدسونها في بنوك ليوم اسود لمصيرهم جزاء تصرفات بالدلائل مُحَدّدَة.  
... الكلام معكم سيكون هذه المرة جهراً حتى تستوعبوه جيدا، انتهى عهد الاسترخاء على الأرائك المستوردة وما يرافقها من مخدة محشوة بريش طيور تلك المحطة ، ماذا أنجزتم بعد إحالة العامل (المحافظ) عبد السلام أمغوز على المعاش والذهاب برئيس الشؤون العامة إلى عمالة (محافظة) سلا ؟ ، ألا زال الحنين لمدينة العرائش يلهيكم عما وصلت إليه مدينة "ايمُوزَارْكَنْدَرْ" من مستوى لا تُحسد عليه ، أو قرية "البهاليل" وما تحياه من ضيق أضيق من ضيق الضيق ، لا تبتعد عن عشرات الجماعات المحلية المُحاطة بالأزمات وشح الاعتمادات وفقدان البنيات التحتية وسبل العيش الكريم ؟؟؟ ، من يراكم منكبين ما بين اجتماع واجتماع على اجتماع يتخيل أنكم مجِدُّون حقاً في إيجاد ولو ربع الحلول لخدمة مصالح المواطنين ، والواقع أنكم تبررون بكثرتها وجودكم على رأس السلطة في إقليم كان يُضربُ به المثل فأصبح مضروباً بعاصمته قبل أطرافه التي أكل الصبر فيها أجمل خصالها فأصبحت قاب قوسين أو أدنى على الانفجار ، ساعتها لن ينفعكم الندم كما سبق في حراك ترك صفرو تُضاف للنقط السوداء عبر المملكة المغربية لدى مختلف عناصر الأمن محلية كانت أو إقليمية أو وطنية .
... فصل الشتاء قريب، حيث الموعد الكئيب، يحل كالسنوات الفارطة، وأنتم للفاعل كالعادة غير عابئين بما قد يطرأ على جزء من تلك الخريطة، يعيدكم للتفكير من جديد أن المغاربة مهما انتسبوا لأية ناحية إذا ظُلِموا فهم أصعب من الصعب، لن تُسَدَّ أمامهم باب أكانت من الحديد مصنوعة أو الخشب ، (للمقال صلة).

مصطفى منيغ

الغريب المغرب كئيب

الغريب المغرب كئيب
برشلونة : مصطفى منيغ
كل التَّخطيطات البعيد زمانها كالقريب ، فُسّرَت من طرف واضعيها بعد انتقالها من فشل بسيط لآخر مُعقد بأنها مُجرّد تجاريب ، ولولا تضحيات المغاربة لأصيب المغرب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني بالسكتة القلبية ليّشرٍّق مَن يُشرق وهو لخيرات البلد سارق أو يُغَرِّب مَن عاش في وطنه غريب ، فكان البدء قاعدته القناعة بالقليل عكس المتدربين على ابتداع الأعذار لتبريد ما استولوا عليه في غفلة من الشعب الطيب،  الذي لازال البعض فيه  يؤكدون رؤية صورة الملك الراحل محمد الخامس تتلألأ انطلاقا من القمر أمام استغراب الأجانب ، ليتيقنوا بعدها أن وعي المغاربة بما ينتظرهم يمثل الفرصة الوحيدة لمواجهة تلك التركيبة المؤسَّسَة بما تركه الاستعمار الفرنسي في مدن الرباط والدار البيضاء وبأهمية أقل في فاس  من عناصر مُنْقَضَّة منذ اللحظات الأولى لرحيل ذاك المُستعمر  لملء الفراغ الذي طال أذرع الحكم السلطاني المدرك بِصَمْتِه ورضاه لصعوبة المراحل الانتقالية المفروض تجاوزها بالليونة ما دامت الوسيلة الوحيدة لاستمرارية القبول بأي شيء المهم التقدم بالمتوفر لتحقيق ما كان بالأمس مجرد أحلام لدولة لها ما يكفي للوقوف على رجليها بجديد  أركان ومناصب .
... وها نحن لا زلنا كما كنا من سبعين سنَة نتمنى ولا نُقابل إلا بما ينفيه الصواب، حتى التصالح مع سنوات الجمر بتوزيع دُرَيْهَِماتٍ لا تساوي دقائق من عمر المغلق عليهم أبواب زنزانات "تَزْمَمَرْتْ" ظلامها أظلم  من ظلام القبر ليردَّها مَن ردها (عكس الكثيرين) بالحل المناسب، ولم تزد الأمور مع توالي السنين إلا استفحالا باستبدال مثل الزنزانات بأخريات قائمة (كما يتخيلها العقل المنصف) في الهواء الطلق حيث المساجين بالملايين يحيون تحت عتبة الفقر تغطيهم السماء وتعذبهم نفسيا ما فوقها يسكنون كأجساد تحركها أرواح لا تملك غير بطائق وطنية تُعَرٍّف بمغربيتهم ولا تعترف بحقوقهم إن طالبوا بما لهم طلعت من خلفهم المخالب ، فلا مفر لهم إلا للقدر وما لهم بين صفحات مجهوله للبشر كاتب .
... إلى متى ، والعمر صُرِف مع الأسى ، باستثناء مَن للأمر تولوا ، فكانوا لأنفسهم وكفى ، لا شأن لهم بمن للخبز الجاف المبلول بالشاي المُحلَّى ، لينام خفيف الأمعاء محسوب الضلوع إن تعرى ، لشرح حاله لمن لحيلة التهرب اهتدى، فالدولة لها حكومة مسؤولة عن "حروف الجر" و"إنَّ" و"هكذا" و"حتَّى" ، منتخبة أو ما يُقارب المَعِنى ، لذا خطاب المعوزين موجه لها يكون كما كان أيام التداوي من صلابة الرأس بمسبِّب الحُمَّى ، لتتوحد الجموع على ظاهرة الانتظار ، حتى تُزرع مِلح البحر في كل دوار ، منبع مَن هجر ، مسبِّبا أزمة موازنة المصاريف بمداخل وبينهما أُخْرَى ، ممنوع الحديث عنها لسرية أسْراٍر سِرِّيَةٍ قَضَى بها مَن قضى ، وعاش مَن عَلِمَ بما جَرَى ، من سنين طوال فأسرع بطحن ما تبقَّى من رغيف يابس وينسى، عملا بتغطية الشمس بالغربال من زمن تكميم الأفواه إلى يومنا هذا المُمَيَّز بالحكمة المعكوسة : إِنْ كان الكلامُ رخيصاً فالصَّمْتُ أَغْلَى .
...الحكومة كائنة أو منعدمة شيء واحد بالنسبة لمن اطلع على الحقيقة المُرَّة التي جعلت من الشعب في منأى عنها تخدمه  ما دامت منشغلة بخدمات المجالس الوزارية المفرزة للمجالس الحكومية المتتالية كل يوم خميس  المُقامة للنظر في كل شيء ما عدا المتعلق بالتنمية الاجتماعية الشعبية وما حلُّها بالتراكم استعصى ، فلا صحة ولا تعليم ولا شغل ولا حق في الكلام إلا برخصة محرَّر في شأنها طلب كلماته في حلاوة العسل أو أحلى . 
... خدمة الشعب المغربي  الشهم الأبي فضيلة عُظمى ، لو فهمت الحكومة الحالية انطلاقا من سابقتها الشقيقة الصُغرى ، لحزب خارج من التاريخ بما ينتظره يوم الطّامة الكبرى ، لو فهمَت دورها العميق ليس المحكوم بعاطفة سياسية داخلها تَتَخَبَّى ، ولكن بالحكمة المتضمنَّة : لا تنشغل بمن احتضنك لفترة معيّنة محدودة بل بمن يحتضنك طول العمر بقيمة لك خَبَّى ، ما دام الأهم الوسط العائدة إليه عن طيب خاطر أو مكرهة بتصرفات تَتَصَبَّى ، وما دامت مثل المقامات والمناصب السياسية أقصاها بضع سنوات من الفشل منتهية إليه في بلد متخلِّف عن سواه من بلاد الغرب الأوربي القريبة منه جغرافيا المتأثر البعض من أهله بغير مؤهلات لها تَقْبَى ، إذ التقليد مهما كان متقنا لا يخفي المصدر إن كانت الأمية فاقت كل التوقعات داخله (بفعل فاعل) مضمونا ومعنى.
...الكآبة منتشرة والتجهُّم لها أصدق علامة ، أن الحكومة محكومة بحُكْمٍ مُتَحَكِّمٍ منذ القديم في سُبُلٍ أبسطها تحديد المُحَدَّدِ بقانون ، أو بتعبير مَُشَخَصٍ فوق خشبة أبي الفنون ، أو بجرأة قرار شفويٍّ لا أحد علي التخفيف منه يتجرأ بموقف مكتوب و عن ذلك يُعْلِن ، ومن لا زال يردد وغداً تُشرق الشمس فليراجع مصاريف مقتنيات آليات قمع الشَّغب حتى وإن كان وراءه مَن أحسوا بالسَّغب في بلاد لها من الخيرات ما تجعل خمسمائة مليون نسمة تعيش مكتفية ذاتيا بما تنتجه اعتمادا على النفس . لذا العيب ليس في الحكومة بل فيمن سكت من عناصرها سكوت فاق سكوت الخائفين من عموم الناس المنتظرين إحسان المحسنين الأمريكيين وحلفائهم العالميين ، فكان من أوجب واجبات تلك الحكومة أن تقدم استقالتها وتنحاز لمطالب الشعب المتضمنة الإصلاح الجذري الذي بغيره سيظل المغرب ذاك الكئيب العجيب المُرعب الرهيب .  (للمقال صلة)
مصطفى منيغ


الأربعاء، 2 أكتوبر 2019

المغرب للمفسدين لا يُحارب

المغرب للمفسدين لا يُحارب
برشلونة / مصطفى منيغ
لا شيء ينقصه ، وكل شيء عن التقدم يفصله، عجيب هذا المغرب إن سمعنا في وسائله الرسمية ما ردَّده ، مقارنة بما على الأرض يفنَّد رؤاه، جلباب من الحرير الرفيع يلبسه ، مغطيا أسمالا وما دون ذلك بما يتعذر وصفه، واصطناع  فاشل لإظهار القناعة أمام الشاشات الأجنبية بعدها كقبلها واقع هش إن أمكن مرحلة بعد أخرى نكرانه ، فاليوم من الصعب تغييبه ، إذ قفز المفسدون على الحد الغير مسموح تجاوزه ، بضغط من الفساد الزاحف من العاصمة ناشرا فلوله ، ومن اشتكي عاد من حيث الابتداء ومقلتيه منفجرتين بالبكاء رافعا رأسه للسماء في منظر لمس الحجر تأثيره ، ولا حياة لمن تنادي سوى الاستحمام في أقرب وادي إن لازال يروي عطش القرى في البوادي المحكوم عليها منذ الاستقلال بالصمت الرهيب وإلاَّ حضر المُرَبِّي مُهيِّجا ًأعوانه ، يُشعل النار فيما تبقَّى ليسيطر الهناء مقيَّدة بعضها ببعض مرادفاته ، حتى حلول الاستحقاقات التشريعية المقبلة فيتم الاستعداء للبدء المحكمة تدابيره ، وهكذا لا البادية في خير ولا الحاضرة حاضرة بما يلزم التغيير فارضة الخلاص  إرادته .
كبرنا وكبر أحفادنا والمغرب لا يُعجَبُ حاله، سنة لسنوات تُسلِّمه، ماضي الماضي مستقبله، لا أمل ولا تطلع حتى التفاؤل فقد تفاؤله، مع تكرار ذات القرار لدرجة مل الفكر الواعي  عن بُعد أو قرب تتبُّعه، إن فَشلت للاستدراك لجنة تهدف إصلاحه ، انبثقت أخرى لتصليح ما عزمت سابقتها إصلاحه ، لتولد شبيهتها لإصلاح إصلاح ما هدفت سابقتيها إصلاحه ، فلا كان إصلاحا بل وَهْما مُباحاً مُنتهياً بترتيبات سياسية جعلتها مسايرا بدهاء ظروفه ، إلى آخر رغبة في تقليص عدد الوزراء بدمج المصالح العمومية بعضها ببعض لضياع ما بقي من وقت على إجراء انتخاباته ، بنفس التقنية الضامنة إعادة ما مرَّ كي لا تخسر مقامات الفساد مواقعها في مغرب لم يعد الزمان زمانه .
... القضية وقد تَمَّ رصد مضامينها  بالإطلاع المباشر المرفوق  بالدراية القانونية والخبرة الميدانية والتجربة سيدة التحليل الملازم لوضع النقط على الحروف ،  ما تجعلنا نؤكد أن الحل الناجع لا يكمن في جعل التدبير الحكومي الفاشل حتى الآن ، لإخفاء ما وراء الستار المسؤول عن كل اختيار المؤدي لا محالة لمثل المسار ، والمغاربة مدركون تماما أن الديمقراطية المرفوعة كشعارات للزينة المناسباتية ، لو كانت حقيقية معمول بها كقاعدة تنطلق منها طموحات الشعب ، لما وصل المغرب لمثل العجز في ميدان محاربة الفساد أينما وُجِدَ والمفسدين مهما كان مستواهم الاجتماعي أو نفوذهم الوظيفي ، علما أن مغرب المغاربة لم يعد مطيقاً صبره اللاَّآت الثلاث : لا أسمع ، لا أري ، لا أتكلم ، لذا لا تتركوه يريكم وجهه الحقيقي حينما يغضب عن حق ، فاقنعوا بما وصلتم إليه ما دامت المرحلة الانتقالية الفاصلة بين تعقل الشعب وحِكمته ، وظنكم السادة وسواكم مجرد عبيد ، على وشك أن ينتهي وقتها الافتراضي . (للمقال صلة).

مصطفى منيغ